إلى الأخوة في جمعيّة الرّسالة للإسعاف الصحيّ – الدفاع المدني (فرقة شهداء جبال البطم) ـ علي حبيب مهنا

إلى الأخوة في جمعيّة الرّسالة للإسعاف الصحيّ – الدفاع المدني (فرقة شهداء جبال البطم)

أيّها السرّ المخبّأ في دروب القداسة، للنّاس ظلٌّ في الأرض أما أنتم فظلالكم ممتدّةٌ حتّى السّماء!

أيها الحافظون لدروب الأنبياء، قواربكم على ضفاف الفداء ترسو.

أيها الزارعون فينا سنابل الخير، كنخلة “العذراء”، كقميص “يوسف”، عبقٌ من ريح الشّهداء أنتم.

يا من تخبّؤون حكايا الألم في صدوركم، لم يغرِكُم طعم ملذّات الحياة السّهلة، فاخترتم درب العذابات في سبيل الإنسانيّة.

في حضرتكم تحار الكلمات: أي ثوبٍ من الطّهر ترمي عليكم لتليق بكم مقامًا وبُرَدًا؟ وأنتم في سماء ليالينا الحالكة نجومٌ من أملٍ وأمانةٍ…

العطاء في أياديكم، أطهر من كلّ ما فينا، نتعمّد فيه، ليخرج غدًا من أكفّكم خبز الوجود.

مددتم أياديكم رسائل في جسم المدى فاستقام، وبثثتم أنفاسكم في الفجر فأعدتم له الحياة.

يا ترنيمة الصّبح بعد كل صلاة!

افتحوا الأبواب ها نحن هنا!

لم يعد في خدِّ أيامنا سوى الندوب ومن لها سِواكُم، فسبحان من سَوّاكُم!

افتحوا الأبواب ها نحن هنا!

أطلقوا الآمال من بوابة سجنِها، أطلقوا الأحلام فوارس سماويّة!

جراحنا تعرفكم، محبّتكم تعرفنا…

تهرعون إلينا من دون نداء، للّه دركم من أنتم؟ تسبيحة زهرٍ في عنق السّماء، لكم في القلب سنبلةٌ وعرشٌ ومقامٌ…

لن أسميكم فردًا فردًا بأسمائكم، فهل تحتاج الأنجم إلى مثلها؟

يا من تجيدون ثبات الصمت ورقيّه، صوتكم خافتٌ، لكن شجركم باسقٌ معطاء.

تدونون نقش خواتمكم في كل دار، بكم يكتمل الإنسان، حكاياتكم تُوقظنا على الحقائق دون أن تدركوا ماذا أيقظتم في دواخلنا، ولأنّني أهتمُّ حقًا بما تصنعون، وضعتُ أُذنيّ في جيوبكم سرًّا،واسترقت السّمع، لتأخذَني عظمة كلّ حكايةٍ وتضحيةٍ. حتى إذا ما اخضَّرت في قلبي ربوةٌ، أيقنتُ أنّه على ربايَ مشى بعضكم.

عجيبةٌ تلك الخيوط الملونة الخارجة من حناجركم، لتحوك لنا رداء المواساة في لحظة الألم.

أيها الشامخون، أعطونا كتابكم لنرتل آياتكم… هيا نصليّ خلفكم صلاة السلام؛

ثابتون كالضياء، تمضون بعزم، أنتم أقمارنا التي يسافر على أكتافها الأمل،

أشهد للتاريخ أنكم شهداؤنا الأحياء تقدمون أنفسكم في سبيل سلامة وبقاء الآخرين في وقتٍ تعزُّ فيه الصحّة والحياة…

فلتحيا تلك العطاءات، وما كان للّه ينمو.

شكرًا….

من رصيف هذا البوح، إليكم جميعًا فردًا فردًا، وأنا المقصّر في مقامكم، أمشي إليكم بلا تعقيدٍ وتفكيرٍ، فعطر عشقكم يسكن العقل والقلب.

شكرًا…

لهذا الجسر من المحبّة تصنعونه من أرواحكم لنعبرَ إلى الحياة الآمنة.

ملككم عظيم لا يناله طامع، جلّت يد الخالق فسبحانه من واهبٍ للنّعم.

Leave A Reply